الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
فيه أبواب الأول في عدة الطلاق وسائر أنواع الفرقة الواقعة في الحياة. والثاني في تداخل العدتين وعدمه. والثالث في عدة الوفاة. والرابع في السكنى. والخامس في الإستبراء.
وما في معناه من اللعان وسائر الفسوخ ووطء الشبهة وإنما تجب هذه العدة إذا فارقها بعد الدخول فإن فارق قبله فلا عدة. واستدخال المرأة مني الرجل يقام مقام الوطء في وجوب العدة وثبوت النسب وكذا استدخال ماء من تظنه زوجها يقوم مقام وطء الشبهة ولا اعتبار بقول الأطباء أن المني إذ ضربه الهواء لم ينعقد منه الولد لأنه قول بالظن لا ينافي الإمكان. وفي التتمة وجه أن استدخال المني لا يوجب عدة لعدم صورة الوطء وهو شاذ ضعيف ولا تقام الخلوة مقام الوطء على الجديد كما سبق في كتاب الصداق ولو وطىء الخصي زوجته ثم طلق وجبت العدة والخصي من قطعت أنثياه وبقي ذكره. وأما من قطع ذكره وبقي أنثياه فلا عدة على زوجته بالطلاق إن كانت حائلاً فإن ظهر بهما حمل فقد ذكرنا في اللعان أنه يلحقه الولد فعليها العدة بوضع الحمل. وأما الممسوح الذي لم يبق له شيء أصلاً فلا يتصور منه دخول ولو ولدت زوجته لم يلحقه على المذهب ولا تجب عدة الطلاق ووطء الصبي وإن كان في سن لا يولد له يوجب عدة الطلاق لأن الوطء شاغل في الجملة. ولذلك لو علق الطلاق على براءة الرحم يقيناً وحصلت الصفة طلقت ووجبت العدة إذا كانت مدخولاً بها.
الإقراء والأشهر والحمل ولا مدخل للأقراء في عدة الوفاة ويدخل النوعان الأخريان. النوع الأول الأقراء وواحدها قرء بفتح القاف ويقال بضمها وزعم بعضهم أنه بالفتح الطهر وبالضم الحيض والصحيح أنهما يقعان على الحيض والطهر لغة ثم فيه وجهان للأصحاب أحدهما أنه حقيقة في الطهر مجاز في الحيض وأصحهما أنه حقيقة فيهما هذا أصله في اللغة والمراد بالأقراء في العدة الأطهار وفي المراد بالطهر هنا قولان أحدهما الإنتقال إلى الحيض دون عكسه وأظهرهما أنه الطهر المحتوش بدمين لا مجرد الإنتقال إلى الحيض ممن نص على ترجيح هذا القول البغوي والروياني وغيرهما وفيه مخالفة لما سبق في الطلاق أن الأكثرين أوقعوا الطلاق في الحال وإذا قال للتي لم تحض أنت طالق في كل قرء ويجوز أن يجعل ترجيحهم لوقوع الطلاق لمعنى يختص بتلك الصورة لا لرجحان القول بأن الطهر الإنتقال ثم إذا طلقها وقد بقي من الطهر بقية حسبت تلك البقية قرءاً سواء كان جامعها في تلك البقية أم لا فإذا طلقها وهي طاهر فحاضت ثم طهرت ثم حاضت ثم طهرت ثم شرعت في الحيض انقضت عدتها وإن طلقها في الحيض فإذا شرعت في الحيضة الرابعة انقضت عدتها وهل تنقضي العدة برؤية الدم للحيضة الثالثة أو الرابعة أم يعتبر مضي يوم وليلة بعد رؤية الدم ليعلم أنه حيض فيه قولان أظهرهما الأول لأن الظاهر أنه دم حيض ولئلا تزيد العدة على ثلاثة أقراء. وقيل إن رأت الدم لعادتها انقضت برؤيته وإن رأته على خلافها اعتبر يوم وليلة. وإذا حكمنا بانقضائها بالرؤية فانقطع الدم لدون يوم وليلة ولم يعد حتى مضت خمسة عشر يوماً تبينا أن العدة لم تنقض ثم لحظة رؤية الدم أو اليوم والليلة إذا اعتبرناهما هل هما من نفس العدة أم يتبين بهما انقضاؤها وليسا منها وجهان أصحهما الثاني. قلت قال أصحابنا إن جعلناه من العدة صحت فيه الرجعة ولا يصح نكاحها لأجنبي فيه وإلا فينعكس وقد سبق هذا ولكن لا يليق إخلاء هذا الموضع منه. والله أعلم. فرع قال أنت طالق في آخر طهرك أو في آخر جزء من أجزاء طهرك فإن قلنا القرء الإنتقال اعتد بذلك الجزء وإلا فلا. ولو طلق من لم تحض أصلاً إن قلنا الطهر الإنتقال حسب طهرها قرءاً وإلا فلا. واعلم أن قولهم القرء هو الطهر المحتوش أو الإنتقال ليس مرادهم الطهر بتمامه لأنه لا خلاف أن بقية الطهر تحسب قرءاً وإنما مرادهم أنه هل يعتبر من الطهر المحتوش شيء أم يكفي الإنتقال والمكتفون بالإنتقال قالوا الإنتقال وحده قرء فإن وجد قبله شيء من الطهر أدخلوه في اسم القرء ولهذا قالوا لو قال للتي لم تحض أنت طالق في كل قرء طلقة طلقت في الحال تفريعاً على هذا القول ولم يؤخروا الوقوع إلى الحيض للإنتقال.
والأمة قرآن والمكاتبة والمدبرة وأم الولد ومن بعضها رقيق كالقنة في العدة ولو وطئت أمة بنكاح فاسد أو بشبهة نكاح اعتدت بقرءين كتطليقها وإن وطئت بشبهة ملك اليمين استبرأت بقرء واحد. فرع لو عتقت الأمة المطلقة في العدة فهل يتم عدة حرة أم أمة أم يفرق فإن كانت بائنة فعدة الأمة وإلا فعدة حرة فيه أقوال أظهرها الثالث وهو الجديد. ولو طلق العبد الأمة رجعياً فعتقت في العدة ثم فسخت في الحال فهل تبني أم تستأنف العدة فيه خلاف كما لو طلق الرجعية طلقة أخرى وعن أبي إسحاق وغيره القطع بالبناء. ولو أخرت الفسخ حتى راجعها ثم فسخت قبل الوطء ففيه الطريقان. والمذهب الإستئناف لأنها فسخت وهي زوجة والفسخ يوجب العدة وحيث قلنا تستأنف فتستأنف عدة حرة. وحيث قلنا تبني فهل تبني على عدة حرة أم أمة فيه الخلاف فيما إذا عتقت المعتدة بلا فسخ. فرع وطىء أمة أجنبي يظنها أمته لم يلزمها إلا قرء. ولو ظنها زوجته المملوكة فهل يلزمها قرء أم قرءان اعتباراً باعتقاده وجهان أصحهما قرءان وإن ظنها زوجته الحرة فهل يلزمها قرء أم قرءان أم ثلاثة فيه أوجه أصحها الثالث. ولو وطىء حرة يظنها أمته فقطع جماعة بثلاثة أقراء لأن الظن يؤثر في الإحتياط دون المساهلة وأجرى المتولي الوجهين إن اعتبرنا حالها فثلاثة أقراء أو ظنه فقرء. ولو ظنها زوجته المملوكة فطرد فيه الوجهين هل يجب قرءان لظنه أم ثلاثة والأشبه النظر إلى ظنه لأن العدة لحقه.
الأول من لها حيض وطهر صحيحان فتعتد بالأقراء وإن تباعد حيضها وطال طهرها. الصنف الثاني المستحاضة فإن كان لها مرد اعتدت بالأقراء المردود إليها من تمييز أو عادة أو الأقل أو الغالب إن كانت مبتدأة كما سبق في الحيض والأظهر رد المبتدأة إلى الأقل. وعلى القولين إذا مضت ثلاثة أشهر انقضت عدتها لاشتمال كل شهر على حيض وطهر غالباً وشهرها ثلاثون يوماً والحساب من أول رؤية الدم هكذا أطلق ويمكن أن يعتبر بالأهلة كما سنذكره إن شاء الله تعالى في الناسية وقد أشار إليه مشيرون فإن لم يكن لها مرد وهي المتحيرة فقد سبق في كتاب الحيض أنها على قول ترد إلى مرد المبتدأة وأن المذهب أن عليها الإحتياط فإن قلنا كالمبتدأة انقضت عدتها بثلاثة أشهر وإن قلنا بالإحتياط فالأصح أنها كالمبتدأة أيضاً لعظم المشقة في الإنتظار والثاني يلزمها الإحتياط كمن تباعد حيضها فتؤمر بالتربص إلى سن اليأس أو أربع سنين أو تسعة أشهر على الخلاف الآتي ولا نقول تمتد الرجعة وحق السكنى جميع هذه المدة لأن الزوج يتضرر به بل لا يزيد ذلك على ثلاثة أشهر ويختص الإحتياط بما يتعلق بها وهو تحريم النكاح وإذا قلنا تنقضي عدتها بثلاثة أشهر في الحال فالإعتبار بالأهلة فإن انطبق الطلاق على أول الهلال فذاك وإن وقع في أثناء الشهر الهلالي فإن كان الباقي أكثر من خمسة عشر يوماً حسب قرءاً وتعتد بعده بهلالين. وإن كان خمسة عشر فما دونها فهل يحسب قرءاً وجهان. أصحهما لا وعلى هذا فقد ذكر أكثرهم أن ذلك الباقي لا اعتبار به وأنها تدخل في العدة لاستقبال الهلال والمفهوم مما قالوا تصريحاً وتلويحاً أن الأشهر ليست متأصلة في حق الناسية ولكن يحسب كل شهر قرءاً وأشار بعضهم إلى أن الأشهر أصل في حقها كما في حق الصغيرة والمجنونة ومقتضى هذا أن تدخل في العدة من وقت الطلاق ويكون كما لو طلق ذات الأشهر في أثناء الشهر كما سنذكره إن شاء الله تعالى. ولو كانت المتحيرة المنقطعة الدم ترى يوماً دماً ويوماً نقاء لم تنقض عدتها إلا بثلاثة أشهر سواء قلنا بالتلفيق أم بالسحب. والأطهار الناقصة المتخللة لا تنقضي بها العدة بحال. الصنف الثالث من لم تر دما ليأس وصغر أو بلغت سن الحيض أو جاوزته ولم تحض فعدتها ثلاثة أشهر بنص القرآن ولو ولدت ولم تر حيضاً قط ولا نفاساً فهل تعتد بالأشهر أم هي كمن انقطع حيضها بلا سبب وجهان وبالأول قال الشيخ أبو حامد. قلت الصحيح الإعتداد بالأشهر لدخولها في قول الله تعالى " واللائي لم يحضن " وذكر الرافعي في آخر العدد عن فتاوى البغوي أن التي لم تحض قط إذا ولدت ونفست تعتد بثلاثة أشهر ولا يجعلها النفاس من ذوات الأقراء فجزم البغوي بهذا ولم يذكر الرافعي هناك خلافاً والله أعلم. ثم إن الأشهر معتبرة بالهلال وعليه المواقيت الشرعية وإن انطبق الطلاق على أول الهلال فذاك وإن انكسر اعتبر شهران بالهلال ويكمل المنكسر ثلاثين من الشهر الرابع فقال ابن بنت الشافعي إذا انكسر شهر انكسر الجميع والصحيح الأول وإذا وقع الطلاق في أثناء الليل أو النهار ابتدىء حساب الشهر من حينئذ وإذا اعتدت صغيرة بالأشهر ثم حاضت بعد فراغها فقد انقضت العدة ولا يلزمها الأقراء ولو حاضت في أثناء الأشهر انتقلت إلى الأقراء وهل يحسب ما مضى قرءاً وجهان أقربهما إلى ظاهر النص المنع. فإن كانت الآيسة والتي لم تحض أمة فهل عدتها ثلاثة أشهر أم شهران أم شهر ونصف فيه أقوال قال المحاملي أظهرها الأول واختاره الروياني قال ولكن القياس وظاهر المذهب شهر ونصف وعليه جمهور أصحابنا الخراسانيين. الصنف الرابع من انقطع دمها ينظر إن انقطع لعارض يعرف لرضاع أو نفاس أو مرض أو داء باطن صبرت حتى تحيض فتعتد بالأقراء أو تبلغ سن اليأس فتعتد بالأشهر ولا تبالي بطول مدة الإنتظار وإن انقطع لا لعلة تعرف فالقول الجديد أنه كالإنقطاع لعارض والقديم أنها تتربص تسعة أشهر. وفي قول أربع سنين وفي قول مخرج ستة أشهر ثم بعد التربص تعتد بثلاثة أشهر فإذا قلنا بالقديم فحاضت بعد التربص والعدة وبعدما تزوجت استمر النكاح للثاني على الصحيح وقيل يتبين بطلانه لتبيننا أنها ليست من ذوات الأشهر وإن حاضت قبل تمام التربص بطل التربص وانتقلت إلى الأقراء ويحسب ما مضى قرءاً بلا خلاف فإن لم يعاودها الدم ولم تتم الأقراء استأنفت التربص لتعتد بعده بالأشهر لأن التربص الأول بطل بظهور الدم قال المتولي لا نأمرها باستئناف التربص لأنا على هذا القول لا نعتبر اليأس وإنما نعتبر ظهور براءة الرحم وقد ظهرت البراءة ورؤية الدم تؤكد البراءة والصحيح المعروف هو الأول وإن حاضت بعد التربص وفي مدة العدة انتقلت إلى الأقراء فإن لم يعاودها الدم عاد الصحيح وقول المتولي. وإذا تربصت فتبني الأشهر على ما مضى من الأشهر الثلاثة أم تستأنف الأشهر وجهان أحدهما تستأنف كما تستأنف التربص وأصحهما تبني لأن ما مضى من الأشهر كان من صلب العدة فلا معنى لإبطاله بخلاف التربص فعلى هذا في كيفية البناء وجهان. أحدهما تعد ما مضى قرءاً ويبقى عليها قرءان فتعتد بدلهما بشهرين. وعلى هذا لو حاضت مرتين بقي عليها قرء فتعتد بدله بشهروأصحهما يحسب ما مضى من الأيام وتتمة ثلاثة أشهر ولا تضم بعض الأشهر إلى بعض الأقراء لئلا يجمع بين البدل والمبدل هكذا أطلقوا ذكر عدم المعاودة في الصورتين ولم يقولوا إذا لم تعد إلى مدة كذا ويشبه أن يضبط بعادتها القديمة أو بغالب عادات النساء وإن حاضت بعد التربص والأشهر وقبل النكاح فأوجه أصحها وينسب إلى النص تنتقل إلى الأقراء والثاني لا بل انقضت العدة والثالث عن أبي هريرة إن اعتدت بالأشهر بحكم قاض لم ينقض حكمه ولم تنتقل إلى الأقراء وإن اعتدت بها بمجرد فتوى انتقلت وسواء في هذه الصور والأحكام جعلنا التربص ستة أشهر أو تسعة أو أربع سنين هذا كله تفريع القديم. أظهرهما وإليه ميل الأكثرين يعتبر أقصى يأس نساء العالم قال الإمام ولا يمكن طوف العالم وإنما المراد ما يبلغ خبره ويعرف.
وعلى هذا فالأشهر أن سن اليأس اثنان وستون سنة وقيل ستون وقيل خمسون حكاهما أبو الحسن بن خيران في كتابه اللطيف وحكاهما غيره. وقال السرخسي تسعون سنة. وحكي أن إمرأة حاضت لتسعين سنة وعن أبي علي الطبري تخريج وجه أنه يعتبر سن اليأس غالباً ولا يعتبر الأقصى والقول الثاني أنه يعتبر يأس عشيرتها من الأبوين نص عليه في الأم. وقيل يعتبر نساء العصبات وقيل نساء البلد فإذا رأت الدم بعد سن اليأس نظر إن رأته في أثناء الأشهر انتقلت إلى الأقراء وحسب ما مضى قرءاً بلا خلاف فتضم إليه قرءين. واعلم أنا إذا اعتبرنا أقصى اليأس في العالم فبلغته ثم رأت الدم صار أقصى اليأس ما رأته ويعتبر بعد ذلك غيرها بها ثم إن لم يعاودها الدم رجعت إلى الأشهر وهل تؤمر بالتربص قبلها تسعة أشهر أو أربع سنين وجهان أحدهما نعم استظهاراً وأصحهما لا لأنها بلغت اليأس. ثم في التتمة أنها تعتد بشهرين بدلاً عن قرءين والذي صححه الأئمة وحكوه عن القفال وغيره أنها تعتد بثلاثة أشهر تستأنفها ولا يجيء في البناء الخلاف السابق في تفريع القديم لأنه في القديم تكفي غلبة الظن وهنا يطلب اليقين أو القرب منه. فإذا رأت الدم بطل ما ظنناه يأساً وبطل ما ترتب وأما إذا رأت الدم بعد تمام الأشهر فثلاثة أقوال أحدها لا يلزمها العود إلى الأقراء بل انقضت عدتها كما لو حاضت الصغيرة بعد الأشهر والثاني يلزمها لأنه بان أنها ليست آيسة بخلاف الصغيرة فإنها برؤية الحيض لا تخرج عن كونها وقت الإعتداد من اللائي لم يحضن وهذا أصح عند البغوي والثالث وهو الأظهر فيما يدل عليه كلام الأكثرين إن كانت نكحت بعد الأشهر فقد تمت العدة والنكاح صحيح وإلا لزمها الأقراء وقطع صاحبا التتمة و الشامل بصحة النكاح. النوع الثالث الحمل. قد سبق أن عدة الطلاق ثلاثة أنواع الأقراء والأشهر وقد مضيا والتف أحدهما بالآخر والثالث هو الحمل ويشترط في انقضاء العدة به شرطان أحدهما كونه منسوباً إلى من العدة منه إما ظاهراً وإما احتمالاً كالمنفي باللعان فإذا لاعن حاملاً ونفى الحمل انقضت عدتها بوضعه لإمكان كونها منه والقول قولها في العدة إذا تحقق الإمكان. أما إذا لم يمكن أن يكون منه بأن مات صبي لا ينزل وامرأته حامل فلا تنقضي عدتها بوضع الحمل بل تعتد بالأشهر. ولو مات من قطع ذكره وأنثياه وامرأته حامل لم تنقض عدتها بوضعه على المذهب بناء على أنه لا يلحقه الولد وعن الإصطخري والصيرفي والقفال أنه يلحقه وحكي هذا قول للشافعي وقد سبق في اللعان فعلى هذا تنقضي عدتها بوضعه ومن سل خصياه وبقي ذكره كالفحل في لحوق الولد على المذهب فتنقضي العدة منه بوضعه سواء فيه عدة الوفاة والطلاق. وفي وجه لا يلحقه فلا تنقضي به العدة وحكى القاضي أبو الطيب وجهاً أنه إن كان مسلول الخصية اليمنى لم يلحقه وإن بقيت اليسرى لأنه يقال إن الماء من الخصية اليمنى والشعر من اليسرى. ونقل الروياني في جمع الجوامع أن أبا بكر بن الحداد كان فقيد الخصية اليمنى فكان لا ينزل وكانت لحيته طويلة وهذا شيء يعتمده الجمهور. وأما مجبوب الذكر باقي الأنثيين فيلحقه الولد فتعتد إمرأته عن الوفاة بوضع الحمل ولا يلزمها عدة الطلاق لعدم الدخول. فرع من مات عن زوجته أو طلقها وهي حامل بولد لا يمكن أن يكون منه بأن وضعته لدون ستة أشهر من حين العقد أو لأكثر ولكن كان بين الزوجين مسافة لا تقطع في تلك المدة لم تنقض به عدته هذا هو المذهب وبه قطع الأصحاب وحكى الغزالي في الوجيز وجهين آخرين. أحدهما تنقضي لاحتمال أنه وطئها بشبهة قبل النكاح ويكفي الإحتمال كالولد المنفي باللعان. والثاني إن ادعت وطء شبهة حكم بانقضاء العدة لأن القول في العدة قولها مع الإمكان ولم يذكر هذه الأوجه في الوسيط و البسيط في هذه الصورة بل ذكرها فيمن قال إن ولدت فأنت طالق فولدت وشرعت في العدة ثم ولدت بعد ستة أشهر ولداً آخر والثالث الفرق بين أن تدعي وطأً محترماً من الزوج بعد الولادة الأولى فتنقضي العدة أو لا فلا. فإذا قلنا بالمذهب فإن كان المولود لاحقاً بغيره بوطء شبهة أو في عقد فاسد انقضت عدة الوطء بوضعه ثم تعتد عن الزوج بعده وإن كان من زنا اعتدت عدة الوفاة من يوم الموت أو عدة الطلاق من يوم الطلاق وتنقضي العدة مع الحمل في عدة الوفاة. وفي عدة الطلاق إذا كانت من ذوات الأشهر أو كانت من ذوات الأقراء ولم تر دماً أو رأته وقلنا إن الحامل لا تحيض وإن رأته وقلنا إنه حيض ففي انقضاء العدة بأطهارها وهي حامل وجهان. أصحهما الإنقضاء لأن حمل الزنا كالمعدوم. فعلى هذا لو زنت في عدة الوفاة أو الطلاق وحبلت من الزنا لم يمنع ذلك انقضاء العدة ولو كان الحمل مجهول الحال حمل على أنه من زنا قاله الروياني في جمع الجوامع. فرع لو نكح حاملاً من الزنا صح نكاحه بلا خلاف. وهل له وطؤها قبل الوضع وجهان أصحهما الشرط الثاني أن تضع الحمل بتمامه فلو كانت حاملاً بتوأمين لم تنقض العدة حتى تضعهما حتى لو كانت رجعية ووضعت أحدهما فله الرجعة قبل أن تضع الثاني وإنما يكونان توأمين إذا وضعتهما معاً أو كان بينهما دون ستة أشهر فإن كان بينهما ستة أشهر فصاعداً فالثاني حمل آخر. فرع لا تنقضي العدة بخروج بعض الولد ولو خرج بعضه منفصلا أو غير منفصل ولم يخرج الباقي بقيت الرجعة. ولو طلقها وقع الطلاق. ولو مات أحدهما ورثه الآخر وكذا تبقى سائر أحكام الجنين في الذي خرج بعضه دون بعض كمنع توريثه وكسراية عتق الأم إليه وعدم إجزائه عن الكفارة ووجوب الغرة عند الجناية على الأم وتبعية الأم في البيع والهبة وغيرهما. وفي وجه ضعيف إذا خرج كان حكمه حكم المنفصل كله في جميع ما ذكرنا إلا في العدة فإنها لا تنقضي إلا بفراغ الرحم وينسب إلى القفال وهو منقاس ولكنه يعيد في المذهب. فرع تنقضي العدة بانفصال الولد حياً أو ميتاً ولا تنقضي بإسقاط العلقة والدم. ولو أسقطت أحدها أن يظهر فيها شيء من صورة الآدمي كيد أو أصبع أو ظفر وغيرها فتنقضي بها العدة والثاني أن لا يظهر شيء من صورة الآدمي لكل أحد لكن قال أهل الخبرة من النساء فيه صورة خفية وهي بينة لنا وإن خفيت على غيرها فتقبل شهادتهن ويحكم بانقضاء العدة وسائر الأحكام. الثالث أن لا يكون صورة ظاهرة ولا خفية يعرفها القوابل لكنهن قلن إنه أصل آدمي ولو بقي لتصور ولتخلق فالنص أن العدة تنقضي به. ونص أنه لا يجب فيه الغرة وأشعر نصه أنه لا يثبت به الإستيلاد فقيل في الجميع قولان. وقيل بتقرير النصوص لأن المراد بالعدة براءة الرحم وقد حصلت والأصل براءة الذمة في الغرة وأمومة الولد إنما تثبت تبعاً للولد وقيل تثبت هذه الأحكام قطعاً وحمل نص المنع على ما إذا يعلمن أنه مبتدأ خلق. وقيل لا تثبت قطعاً وحمل نص العدة على ما إذا كانت صورة خفية والمذهب على الجملة انقضاء العدة ومنع الآخرين. ولو شك القوابل في أنه لحم آدمي أم لا لم يثبت شيء من هذه الأحكام بلا خلاف. ولو اختلف الزوجان فقالت كان السقط الذي وضعته مما تنقضي به العدة وأنكر الزوج وضاع السقط فالقول قولها بيمينها لأنها مأمونة في العدة. إذا كانت تعتد بالأقراء أو بالأشهر فظهر بها حمل من الزوج اعتدت بوضعه ولا اعتبار بما مضى من الأقراء والأشهر فإن لم يظهر الحمل بأمارة ولكنها ارتابت لثقل وحركة تجدها نظر إن ارتابت قبل تمام الأشهر أو الأقراء فليس لها أن تتزوج بعد تمامها حتى تزول الريبة. فإن تزوجت فالنكاح باطل وإن ارتابت بعد أن انقضت الأقراء أو الأشهر وتزوجت لم يحكم ببطلان النكاح لكن لو تحققنا كونها حاملاً وقت النكاح بأن ولدت لدون ستة أشهر من وقت النكاح تبينا بطلان النكاح وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا فالولد للثاني ونكاحه مستمر على صحته وإن ارتابت بعد الأقراء والأشهر وقبل أن تتزوج فالأولى أن تصبر إلى زوال الريبة فإن لم تفعل وتزوجت فالمذهب القطع بأن النكاح لا يبطل في الحال بل هو كما لو تزوجت وهو نصه في المختصر و الأم وبه قال ابن خيران وأبو إسحاق والإصطخري لأنا حكمنا بانقضاء العدة فلا نبطله بالشك وقيل يحكم ببطلانه حكي عن ابن سريج وقيل قولان.
فلو أبانها بخلع أو بالثلاث أو بفسخ أو لعان ولم ينف الحمل فولدت لأربع سنين فأقل من وقت الفراق لحق الولد بالزوج هكذا أطلقوه وقال أبو منصور التميمي ينبغي أن يقال لأربع سنين من وقت إمكان العلوق وقبيل الطلاق وهذا قويم وفي إطلاقهم تساهل وسواء أقرت بانقضاء عدتها ثم ولدت أم لم تقر لأن النسب حق الولد فلا ينقطع بإقرارها وقال ابن سريج إذا أقرت بانقضائها ثم ولدت لم يلحقه إلا أن تأتي به لدون ستة أشهر من الأقراء كما إذا صارت الأمة فراشاً لسيدها بالوطء ثم استبرأها فأتت بولد بعد الإستبراء لستة أشهر فصاعداً لا يلحقه نص عليه. فمن الأصحاب من جعل المسألتين على قولين وقطع الجمهور بتقرير النصين وفرقوا بأن فراش النكاح أقوى وأسرع ثبوتا فإنه يثبت بمجرد الإمكان. أما إذا ولدت لأكثر من أربع سنين فالولد منفي عنه بلا لعان ولو طلقها رجعياً ثم ولدت فالحكم على التفصيل المذكور إلا أن السنين الأربع هل تحسب من وقت الطلاق أم من وقت انصرام العدة قولان أظهرهما الأول لأنها كالبائن في تحريم الوطء فلا يؤثر كونها زوجة في معظم الأحكام فإن قلنا من وقت الإنصرام فقد أطلق الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وغيرهما حكاية وجهين. أحدهما أنه يلحقه متى أتت به من غير تقدير لأن الفراش على هذا القول إنما يزول بانقضاء العدة. والثاني أنه إذا مضت العدة بالأقراء أو الأشهر ثم ولدت لأكثر من أربع سنين من انقضائها لم يلحقه لأنا تحققنا أنه لم يكن موجودا في الأقراء والأشهر فتبين بانقضائها وتصير كما لو بانت بالطلاق ثم ولدت لأكثر من أربع سنين وهذا الثاني هو الأصح عند الأكثرين وحكوه عن نص الشافعي رحمه الله. ولك أن تقول هذا وإن استمر في الأقراء لا يستمر في الأشهر فإن التي لا تحمل لا تعتد بالأشهر فإذا حبلت بان أن عدتها لم تنقض بالأشهر وسيأتي نظير هذا إن شاء الله تعالى ثم هذا الخلاف على ما ذكره الروياني وغيره فيما إذا أقرت بانقضاء العدة فإن لم تقر فالولد الذي تأتي به يلحقه وإن طال الزمان لأن العدة قد تمتد لطول الطهر وحكى القفال فيما إذا لم تقر وجهاً ضعيفاً أنه إذا مضت ثلاثة أشهر ثم ولدت لأكثر من أربع سنين لم يلحقه لأن الغالب انقضاء العدة في ثلاثة أشهر ومتى حكمنا بثبوت النسب كانت المرأة معتدة إلى الوضع فيثبت للزوج الرجعة إن كانت رجعية ولها السكنى والنفقة. فرع ولدت لأكثر من أربع سنين وادعت في الطلاق الرجعي أن الزوج راجعها أو أنه جدد نكاحها أو وطئها بشبهة وأنها ولدته على الفراش المجدد نظر إن صدقها الزوج لزمه مقتضى إقراره فعليه المهر في صورة التجديد والنفقة والسكنى في الرجعة والتجديد جميعاً ويلحقه الولد للفراش وإن أنكر إحداث فراش فهو المصدق بيمينه وعليها البينة فإن نكل حلفت وثبت النسب إلا أن ينفيه باللعان وحكى أبو الفرج الزاز قولاً أنه إذا نكل لا ترد اليمين عليها لأنها إذا حلفت ثبت نسب الولد ويبعد أن يحلف الشخص لفائدة غيره والمشهور الأول فإن لم يحلفها أو نكلت ففي حلف الولد إذا بلغ خلاف سبق في نظائره. وإن اعترف بفراش جديد وأنكر ولادتها وادعى أنها التقطته واستعارته صدق بيمينه وعليها البينة على الولادة فإن نكل حلفت وثبتت الولادة والنسب بالفراش إلا أن ينفيه باللعان ويعود في تحليفها الخلاف السابق ثم قال الأئمة العدة تنقضي بوضعه وإن حلف الرجل على النفي ولم يثبت ما ادعته لأنها تزعم أنه منه فكان كما لو نفي حملها باللعان فإنه وإن انتفى الولد تنقضي العدة بوضعه لزعمها أنه منه. ولو ادعت على الوارث بعد موت الزوج أن الزوج كان راجعها أو جدد نكاحها فإن كان الوارث ممن لا يحجب نظر إن كان إبناً واحداً فالحكم كما لو ادعت على الزوج إلا أن الوارث يحلف على نفي العلم وإلا أنه إذا ثبت النسب لا يمكنه نفيه باللعان. وإن كان له ابنان وادعت عليهما فكذباها وحلفاً أو نكلا أو صدقها أحدهما وكذب الآخر وحلفت ثبت المهر والنفقة بحصة المصدق ولا يثبت النسب لأن جميع الورثة لم يتفقوا. وفي ثبوت ميراث الزوجة في حصة المصدق خلاف مذكور في موضعه. وإن كان الوارث ممن يحجب كالأخ فإن صدقها فذاك ولا يرث الولد وإن ثبت نسبه وإن كذبها فعلى ما ذكرنا. علق طلاقها بالولادة فولدت ولدين فإن كان بينهما دون ستة أشهر لحقاه وطلقت بالأول وانقضت عدتها بالثاني وإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر طلقت بولادة الأول ثم إن كان الطلاق بائناً لم يلحقه الثاني لأن العلوق به لم يكن في نكاح وإن كان رجعياً بني على أن السنين الأربع تعتبر من وقت الطلاق أم من انصرام العدة إن قلنا بالأول لم يلحقه وإن قلنا بالثاني لحقه إذا أتت به لدون أربع سنين من ولادة الأول وتنقضي العدة بوضعه سواء لحقه أم لا لاحتمال وطء الشبهة بعد البينونة كذا قاله ابن الصباغ. ولو ولدت ثلاثة أولاد فإن كانوا حملاً واحداً بأن كان بين الأول والثالث دون ستة أشهر طلقت بالأول وانقضت عدتها بالثالث ولحقه الجميع. وإن كان بين الأولين أقل من ستة أشهر وبين الثاني والثالث أكثر منها لحقه الأولاًن وانقضت عدتها بالثاني ولا يلحقه الثالث وإن كان بين الأول والثاني أكثر من ستة أشهر وبين الثاني والثالث دون الستة طلقت بالأول ولم يلحقه الآخران إن كان الطلاق بائناً وإن كان رجعياً ففيه الخلاف وإن زاد ما بين الأولين على ستة أشهر وكذا ما بين الثاني والثالث فالثالث غير لاحق به وكذا الثاني إن كان الطلاق بائناً. وإن كان رجعياً فعلى الخلاف ولو كان ما بين الأولين دون الستة وكذا ما بين الثاني والثالث وكان بين الثالث والأول أكثر من الستة فالأولان لاحقان دون الثالث. هذا الكلام السابق إذا لم تصر بعد الطلاق فراشاً لغيره حتى ولدت فلو صارت بأن نكحت بعد العدة ثم ولدت نظر أن ولدت لدون ستة أشهر من النكاح الثاني فكأنها لم تنكح والحكم على ما سبق وإن أتت به لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني وإن أمكن كونه من الأول لأن الفراش للثاني ناجز فهو أقوى ولأن النكاح الثاني قد صح ظاهراً فلو ألحقنا الولد بالأول لبطل النكاح لوقوعه في العدة ولا سبيل إلى إبطال ما صح بالإحتمال ولو نكحت نكاحاً فاسداً بأن نكحت في العدة لم يقطع العقد العدة لكن تسقط نفقتها وسكناها لنشوزها. ثم إن وطئها الزوج عالماً بالتحريم فهو زان لا يؤثر وطؤه في العدة وإن جهل التحريم لظنه انقضاء العدة أو أن المعتدة لا يحرم نكاحها انقطعت به العدة لمصيرها فراشاً للثاني. قال الروياني ودعوى الجهل بتحريم المعتدة لا يقبل إلا من قريب عهد بالإسلام ودعوى الجهل بكونها معتدة يقبل من كل أحد ثم إذا فرق بينهما تكمل عدة الأول ثم تعتد للثاني فلو ولدت لزمان الإمكان من الأول دون الثاني لحق بالأول وانقضت عدته بوضعه ثم تعتد للثاني وإن أتت به لزمان الإمكان من الثاني دون الأول بأن أتت به لأكثر من أربع سنين من طلاق الأول فإن كان الطلاق بائناً فهو ملحق بالثاني وإن كان رجعياً فهل يلحق بالثاني أم يقال فراش الأول باق فيعرض الولد على القائف فيه قولان وإن ولدته لزمن الإمكان منهما عرض على القائف فإن ألحقه بهما أو نفاه عنهما أو أشكل عليه أو لم يكن قائف انتظر بلوغه وانتسابه بنفسه وإذا وضعته ومضت ثلاثة أقراء حلت للزواج وإن ولدته لزمان لا يمكن أن يكون من واحد منهما بأن كان لدون ستة أشهر من نكاح الثاني ولأكثر من أربع سنين من طلاق الأول لم يلحق واحد منهما إن كان الطلاق بائناً فإن كان رجعياً عاد الخلاف في أنها هل هي فراش. وإذا نفيناه عنهما فعن الشيخ أبي حامد أنه لا تنقضي العدة بوضعه عن واحد منهما بل بعد الوضع تكمل العدة عن الأول ثم تعتد عن الثاني قال ابن الصباغ وقياس ما ذكرنا فيما إذا علق طلاقها بالولادة فولدت ولدين بينهما ستة أشهر أن الثاني لا يلحقه وتنقضي العدة بوضعه أن نقول هنا تنقضي العدة عن أحدهما. ثم مدة الإمكان من الزوج الثاني هل تحسب من وقت النكاح الفاسد أم من وقت الوطء وجهان. أصحهما الثاني وبالأول قال القفال الشاشي. ويقرب من هذا الخلاف الخلاف في أن العدة في نكاح الفاسد هل تحسب من آخر وطء فيه أم من وقت التفريق والأصح من التفريق لأن الفراش حينئذ يزول والتفريق بأن يفرق القاضي بينهما. وفي معناه ما إذا اتفق الزوجان على المفارقة وما إذا مات الزوج عنها أو طلقها وهو يظن الصحة ولو غاب عنها على عزم أن يعود إليها لم تحسب مدة الغيبة من العدة ولو عزم أن لا يعود حسبت. وخرج على الخلاف المذكور أن لحوق الولد في النكاح الفاسد هل يتوقف على إقراره بالوطء كما في ملك اليمين أم يكفي فيه مجرد العقد كالنكاح الصحيح وأما إذا أحوجناه إلى الإقرار بالوطء فهل ينتفي الولد بدعوى الإستبراء كملك اليمين أم لا ينتفي باللعان والأصح الثاني. ولو وطئت بالشبهة في العدة فولدت للإمكان من الزواج والواطىء عرض الولد على القائف كما ذكرنا في النكاح الفاسد. ولو وطئت بعد انقضاء العدة فهل هو كالنكاح الثاني في قطع فراش الأول وجهان أحدهما لا بل يعرض الولد على القائف وأصحهما نعم لانقطاع النكاح الأول والعدة عنه في الظاهر فعلى هذا لو ولدت للإمكان منهما لحق بالواطىء كما يلحق بالزوج الثاني. فرع ولدت وطلقها ثم اختلفا فقال طلقتك بعد الولادة فلي الرجعة وقالت بل قبلها وانقضت عدتي بالوضع فإن اتفقا على وقت الولادة كيوم الجمعة وقال طلقتك يوم السبت وقالت يوم الخميس فهو المصدق بيمينه لأن الطلاق بيده فصدق فيه كأصله. وإن اتفقا على وقت الطلاق كيوم الجمعة وقال ولدت يوم الخميس وقالت يوم السبت صدقت بيمينها. وإن لم يتفقا على وقت وادعى تقدم الولادة وهي تقدم الطلاق فهو المصدق. ولو ادعت تقدم الطلاق فقال لا أدري لم يقنع منه بل إما أن يحلف يميناً جازمة أن الطلاق لم يتقدم وإما أن ينكل فتحلف هي ويجعل بقوله لا أدري منكراً فتعرض اليمين عليه فإن أعاد كلامه الأول جعل ناكلاً فتحلف هي ولا عدة عليها ولا رجعة له وإن نكلت فعليها العدة. قال الأصحاب وليس هذا قضاء بالنكول بل الأصل بقاء النكاح وآثاره فيعمل بهذا الأصل ما لم يظهر دافع. ولو جزم الزوج بتقدم الولادة وقالت هي لا أدري فله الرجعة والورع أن لا يراجع وكذا الحكم لو قال لا ندري السابق منهما وليس لها النكاح حتى تمضي ثلاثة أقراء.
قد يجتمعان عليها لشخص وقد يكونان لشخصين. القسم الأول إذا كانتا لشخص فينظر إن كانتا من جنس بأن طلقها وشرعت في العدة بالاقراء أو الأشهر ثم وطئها في العدة جاهلاً إن كان الطلاق بائناً وجاهلاً أو عالماً إن كان رجعياً تداخلت العدتان ومعنى التداخل أنها تعتد بثلاثة أقراء أو ثلاثة أشهر من وقت الوطء ويندرج فيها بقية عدة الطلاق وقدر تلك البقية يكون مشتركاً واقعاً عن الجهتين وله الرجعة في قدر البقية إن كان الطلاق رجعياً ولا رجعة بعدها ويجوز تجديد النكاح في تلك البقية وبعدها إذا لم يكن عدد الطلاق مستوفى هذا هو الصحيح وحكى أبو الحسن العبادي عن الحليمي أن عدة الطلاق تنقطع بالوطء ويسقط باقيها وتتمحض العدة الواجبة عن الوطء قال وقياسه أن لا تثبت الرجعة في البقية ولكن منعنا منه بالإجماع وقد ينقطع أثر النكاح في حكم دون حكم. وفي وجه ثالث أن ما بقي من عدة الطلاق يقع متمحضاً عن الطلاق ولا يوجب الوطء إلا ما وراء ذلك إلى تمام ثلاثة أقراء وهذا ضعيف. وإن كانت العدتان من جنسين بأن كانت إحداهما بالحمل والأخرى بالاقراء سواء طلقها حاملاً ثم وطئها أو حائلاً ثم أحبلها ففي دخول الأخرى في الحمل وجهان أصحهما الدخول كالجنس فعلى هذا تنقضيان بالوضع وله الرجعة في الطلاق الرجعي إلى أن تضع إن كانت عدة الطلاق بالحمل وكذا إن كانت بالأقراء على الأصح وقيل لا رجعة بناء على أن عدة الطلاق سقطت وهي الآن معتدة للوطء. وإن قلنا لا يتداخلان فإن كان الحمل لعدة الطلاق اعتدت بعد وضعه بثلاثة أقراء ولا رجعة إلا في مدة الحمل وإن كان الحمل لعدة الوطء أتمت بعد وضعه بقية عدة الطلاق وله الرجعة في تلك البقية وله الرجعة قبل الوضع أيضاً على الأصح وله تجديد نكاحها فإن لم يعلم هذا الحمل من عدة الطلاق أم حدث بالوطء قال المتولي يلزمها الإعتداد بثلاثة أقراء كاملة بعد الوضع لجواز أن تكون عدة الطلاق بالوضع. وحيث أثبتنا الرجعة فلو مات أحدهما ورثه الآخر ولو طلقها لحقها الطلاق ويصح الظهار والإيلاء منها. ولو مات الزوج انتقلت إلى عدة الوفاة. وحيث قلنا لا تثبت الرجعة لا يثبت شيء من هذه الأحكام. فرع جميع ما ذكرناه فيما إذا كانت لا ترى الدم على الحمل أو تراه وقلنا ليس هو بحيض. فأما إن جعلناه حيضاً فهل تنقضي مع الحمل العدة الأخرى بالأقراء وجهان أصحهما نعم وبه قال الشيخ أبو حامد والقاضي حسين فعلى هذا لو كان الحمل حادثاً من الوطء فمضت الأقراء قبل الوضع فقد انقضت عدة الطلاق وليس للزوج الرجعة بعد ذلك وإن وضعت الحمل قبل تمام الأقراء فقد انقضت عدة الوطء وعليها بقية عدة الطلاق وللزوج الرجعة قبل الوضع وبعده إلى تمام الأقراء بلا خلاف وإن كان الحمل لعدة الطلاق فله الرجعة إلى الوضع فإذا وضعت أكملت لعدة الوطء ما بقي من الأقراء. القسم الثاني إذا كانت العدتان لشخصين بأن كانت معتدة لزيد عن طلاق أو وفاة أو شبهة أو نكحها جاهلا ووطئها أو كانت المنكوحة معتدة عن وطء شبهة فطلقها زوجها فلا تداخل بل تعتد عن كل واحد عدة كاملة ثم قد لا يكون هناك حمل وقد يكون. الحال الأول أن لا يكون فإن سبق الطلاق وطء الشبهة أتمت عدة الطلاق لتقدمها وقوتها. فإذا أتمتها استأنفت عدة الشبهة ثم إن لم يكن من الثاني إلا وطء شبهة ابتدأت عدته عقب عدة الطلاق فإن نكح الثاني ووطىء فزمن كونها فراشاً له لا يحسب عن واحدة من العدتين. وبماذا تنقطع عدة الطلاق فيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى. ومتى تعود إليها وجهان أحدهما من آخر وطء وقع في النكاح الثاني حكي عن القفال الشاشي والثاني وهو الصحيح من حين التفريق بينهما وللزوج الرجعة في عدته فإذا راجعها شرعت في عدة وطء الشبهة وليس للزوج الإستمتاع بها إلى أن تنقضي. وهل له تجديد نكاحها إن كان الطلاق بائناً وجهان أصحهما عند الأكثرين نعم. ولو وطئت منكوحة بشبهة ثم طلقت وهي في عدة الشبهة فوجهان أحدهما تتم عدة الشبهة ثم تبتدىء عدة الطلاق مراعاة للسابق وأصحهما عند الأكثرين تقدم عدة الطلاق لقوتها فإن قدمنا عدة الشبهة فله الرجعة إذا اشتغلت بعد الطلاق. وهل له الرجعة قبل ذلك وجهان ولا يجوز تجديد نكاحها في عدة الشبهة إذا كان الطلاق بائناً لأنها في عدة الغير. وإذا قلنا تقدم عدة الطلاق شرعت فيها بنفس الطلاق فإذا تمت عادت إلى بقية عدة الشبهة وللزوج الرجعة إن كان الطلاق رجعياً. وهل له تجديد النكاح إن كان بائناً فيه الوجهان السابقان. لو طرأ وطء شبهة في عدة وطء شبهة أتمت عدة الواطىء الأول بلا خلاف. ولو نكح إمرأة نكاحاً فاسداً ووطئها غيره بشبهة ثم فرق بينهما لظهور فساد النكاح قال البغوي تقدم عدة الواطىء بشبهة بلا خلاف لأن عدته من وقت الوطء وعدة الناكح من التفريق ومعناه أن عدة الواطىء سبق وجوبها وليس للفاسد قوة الصحيح ليترجح بها وقد تكون إحدى العدتين بالأقراء والأخرى بالأشهر بأن طلقها فمضى قرءان ثم نكحت فاسداً ودام فراشه حتى أيست ثم فرق بينهما فتكمل عدة الأول بشهر بدلاً عن القرء الباقي ثم تعتد للفاسد بثلاثة أشهر. الحال الثاني أن يكون هناك حمل فيقدم عدة من الحمل منه سابقاً كان أو متأخراً فإن كان الحمل للمطلق ثم وطئت بشبهة فإذا وضعت انقضت عدة الطلاق ثم تعتد بالأقراء للشبهة بعد طهرها من النفاس وللزوج رجعتها قبل الوضع. قال الروياني لكن لا يراجعها في مدة اجتماع الواطىء بها لأنها حينئذ خارجة عن عدة الأول وفراش لغيره فلا تصح الرجعة في تلك الحالة. وهل له تجديد نكاحها قبل الوضع إن كان الطلاق بائناً فيه الوجهان السابقان ويجريان فيما لو وطىء إمرأة بشبهة وأحبلها ثم وطئها آخر هل للأول أن ينكحها قبل الوضع وليس له أن ينكحها في عدة الثاني بحال وللثاني أن ينكحها في عدة نفسه. وإن كان الحمل من وطء الشبهة فإذا وضعت انقضت عدة الوطء وعادت إلى بقية عدة الطلاق وللزوج الرجعة في تلك البقية إن كان طلاقه رجعياً سواء في ذلك مدة النفاس وغيرها لأنها من جملة العدة كالحيض الذي يقع فيه الطلاق. وقيل لا رجعة في مدة النفاس والصحيح الأول وإذا ثبتت الرجعة فلو طلق لحقها الطلاق ولو مات أحدهما ورثه الآخر وانتقلت إلى عدة الوفاة بوفاة الزوج وهل له الرجعة قبل الوضع إن كان الطلاق رجعياً أو تجديد النكاح إن كان بائناً وجهان. أصحهما عند الشيخ أبي حامد نعم لأنه لم تنقض عدته وكما في العدتين المختلفتين من شخص. وأصحهما عند الماوردي والبغوي لا لأنها في عدة غيره. ثم قال البغوي لو طلقها قبل الوضع لحقها الطلاق ولو مات أحدهما ورثه الآخر فإن مات الزوج انتقلت إلى عدة الوفاة حتى إذا وضعت تعتد عن الزوج عدة الوفاة وإن كان لا تصح رجعته لأنا نجعل زمان الرجعة كزمان صلب النكاح هذا لفظه وإذا راجعها وهي حامل من الأجنبي وجوزناه فليس له الوطء حتى تضع كما إذا وطئت منكوحة بشبهة فاشتغلت بالعدة وإن كانت حاملاً منه وفي ذمتها عدة الشبهة فراجعها انقضت عدته في الحال وبقيت عدة الشبهة مؤخرة حتى تضع وتعود إلى أقرائها وهل له وطؤها في الحال فيه وجهان أحدهما نعم لأنها زوجة ليست في عدة والثاني لا لأنها متعرضة للعدة ومال المتولي إلى ترجيح هذا ورجح بعضهم الأول. قلت الراجح الجواز والله أعلم. ويجري الوجهان فيما لو وطئت المنكوحة في صلب النكاح بشبهة وهي حامل من الزوج ولو كانت ترى الدم على الحمل وجعلناه حيضاً فعن القاضي حسين أن العدة الأخرى تنقضي بالأقراء كالعدتين من شخص وهذا ضعيف وضعفه الإمام والغزالي لأن فيه مصيراً إلى تداخل عدتي شخصين. وجميع ما ذكرنا فيما إذا علم أن الولد من هذا أو ذاك لانحصار الإمكان فيه فلو لم يمكن كونه من واحد منهما بأن ولدته لأكثر من أربع سنين من طلاق الأول وهو بائن أو رجعي على قول ولدون ستة أشهر من وطء الثاني فالولد منفي عنهما ولا تنقضي بوضعه عدة واحد منهما على الأصح بل إذا وضعته تممت عدة الأول ثم استأنفت عدة الثاني وقيل تعتد بوضعه من أحدهما لا بعينه لإمكان كونه من أحدهما بوطء شبهة ثم تعتد عن الآخر بثلاثة أقراء. ويتفرع على الوجهين فرعان. أحدهما لو كانت ترى الدم والحالة هذه وجعلناه حيضاً قال الروياني إن قلنا تنقضي عدة أحدهما بالوضع لم تعتد بأقرائها لئلا تتداخل عدة شخصين وإلا ففي الإحتساب بأقرائها وجهان أصحهما الإحتساب لأنها إذا لم تعتد بالحمل كانت كالحائل وبهذا قطع صاحب الشامل الثاني إن قلنا تنقضي بالوضع عدة أحدهما لم تصح رجعة الزوج في مدة الحمل ولا في الأقراء بعد الوضع للشك في أن عدته هذه أم هذه فلو راجع مرة في الحمل ومرة في الأقراء ففي صحة الرجعة وجهان سيأتي نظيرهما إن شاء الله تعالى وإن قلنا لا تنقضي أتمت بعد الوضع عدة الأول وهو الزوج وله الرجعة فيه. وهل له الرجعة قبله في مدة الحمل فيه الوجهان السابقان. فرع إذا احتمل كون الولد من الزوج ومن الواطىء بالشبهة عرض بعد الوضع على القائف فإن ألحقه بالزوج أو بالواطىء فحكمه ما ذكرنا فيما إذا اختص الإحتمال به فإن لم يكن قائف أو أشكل عليه أو ألحقه بهما أو نفاه عنهما أو مات الولد وتعذر عرضه انقضت عدة أحدهما بوضعه لأنه من أحدهما ثم تعتد بعد الوضع للآخر بثلاثة أقراء قال الروياني وقول الشافعي رحمه الله تعالى فإن لم يكن قائف ليس المراد به إن لا يوجد في الدنيا بل المراد أن لا يوجد في موضع الولد وما يقرب منه وهو المسافة التي تقطع في أقل من يوم وليلة. وسواء في وجوب العرض على القائف ادعياه جميعاً أو ادعاه أحدهما فقط وقيل إذا ادعاه أحدهما فقط اختص به كالأموال والصحيح الأول لحق الولد وحق الشرع في النسب قال المتولي إن كان الطلاق بائناً عرض على القائف كما ذكرنا. وإن كان رجعياً بني على أن الرجعة هل هي فراش أم لا إن قلنا لا عرض أيضاً وإن قلنا فراش وأن السنين الأربع في حقها تعتبر من انقضاء العدة فالولد ملحق بالزوج ولا يعرض على القائف. ثم في هذا الفرع مسألتان. إحداهما إذا رجع الزوج في مدة الحمل بني على ما إذا تأخرت عدة الزوج لإحبال الواطىء هل له الرجعة في مدة الحمل إن قلنا نعم صحت رجعته وهو الأصح وإلا فلا. فلو بان بعد الوضع أن الحمل منه بإلحاق القائف فهل يحكم الآن بأن الرجعة وقعت صحيحة وجهان. أصحهما نعم ولو راجع بعد الوضع لم يحكم بصحة الرجعة أيضاً لاحتمال كون الحمل منه وأن عدته انقضت بوضعه. فلو بان بإلحاق القائف أن الحمل من وطء الشبهة ففي الحكم الآن بصحة الرجعة الوجهان هذا إذا راجع في القدر المتيقن بعد الوضع أنه من الأقراء دون ما أوجبناه احتياطاً. بيانه وطئها الأجنبي بعد مضي قرء من وقت الطلاق فالقدر الذي يتيقن لزومه بعد الوضع قرءان وإنما نوجب القرء الثالث احتياطاً لاحتمال كون الحمل من الزوج ولو راجع مرتين مرة قبل الوضع ومرة بعده في القرءين ففي صحة رجعته وجهان. أصحهما الصحة وبه قال القفال لوجود رجعة في عدته يقيناً والثاني المنع للتردد ولو جدد النكاح إذا كان الطلاق بائناً نظر إن نكحها مرة واحدة قبل الوضع أو بعده لم يحكم بصحته لاحتمال كونه في عدة الشبهة. فإن بان بعد ذلك كون العدة كانت منه بإلحاق القائف قال المتولي فهو على الخلاف في الرجعة قال وليس هو من وقف العقود وإنما هو وقف على ظهور أمر كان عند العقد. وإن نكحها مرتين قبل الوضع وبعده ففي صحته وجهان كالرجعة. قال الإمام الأصح هنا المنع لأن الرجعة تحتمل ما لا يحتمله النكاح ولهذا تصح في الإحرام والوجهان مفرعان على صحة تجديد الزوج في عدته مع أن في ذمتها عدة شبهة وإلا فلا يصح قطعاً لاحتمال تأخر عدة الشبهة فلا تصح المرة الأولى للعدة التي في ذمتها ولا الثانية لكونها في عدة شبهة. فلو نكحها الواطىء بشبهة قبل الوضع أو بعده في القرءين لم يصح لاحتمال كونها في عدة الزوج. ولو نكحها بعد الوضع في القرءين ثم بان بالقائف أن الحمل من الزوج ففي تبين الصحة الخلاف السابق. ولو نكحها في القرء الثالث صح قطعاً لأنها في عدته إن كان الحمل من الزوج وإلا فغير معتدة المسألة الثانية سنذكر إن شاء الله تعالى أن الرجعية تستحق النفقة في العدة وأن البائن لا تستحقها إلا إذا كانت حاملاً ونذكر قولين في أن تلك النفقة للحمل أم للحامل وقولين في أن تلك النفقة تصرف إليها يوماً بيوم أم يصرف الجميع إليها عند الوضع وأن المعتدة عن وطء شبهة لا نفقة لها على الواطىء إذا قلنا النفقة للحامل. إذا عرفت هذه الجمل فإن قلنا النفقة للحامل وهو الأظهر لم تطالب المرأة الزوج ولا الواطىء بالنفقة مدة الحمل المحتمل. فإذا وضعت نظر إن ألحقه القائف بالزوج طالبته بنفقة مدة الحمل الماضية وهذا إذا لم تصر فراشاً للثاني بأن لم يوجد إلا وطء شبهة وينبغي أن يستثنى زمن اجتماعها بالثاني فإن صارت فراشاً له بأن نكحها جاهلاً وبقيت في فراشه حتى وضعت فلا نفقة لها على الزوج لكونها ناشزة بالنكاح فإن فرق الحاكم بينهما قبل الوضع طالبته بالنفقة من يوم التفريق إلى الوضع ثم لا نفقة لها على الواطىء في عدتها عنه بالأقراء. وإن ألحقه القائف بالواطىء لم يلزم واحداً منهما نفقة مدة الحمل ويلزم الزوج نفقة مدة القرءين بعد الوضع إذا كان الطلاق رجعياً ويلزمه أيضاً نفقة مدة النفاس على الأصح كما أن له الرجعة فيها ولا يمنع ذلك كونه لا يحسب من العدة كمدة الحيض وإن لم نلحقه بواحد منهما أو لم يكن قائف فلا نفقة على الواطىء ولا على الزوج وإن كان الطلاق بائناً لأنا لا نعلم حال الحمل ولا نفقة إذا لم يكن حمل وإن كان رجعياً فلا نفقة لمدة كونها فراشاً ولها عليه الأقل من نفقتها من يوم التفريق إلى الوضع ونفقتها في القدر الذي تكمل به عدة الطلاق بعد الوضع وهو قرءان في المثال السابق. هذا إذا قلنا النفقة للحامل فإن قلنا إنها للحمل فعلى أحدهما نفقة مدة الحمل بيقين فإذا أشكل الحال أنفقا عليه بالسوية فإن قلنا نصرف الجميع إليها بعد الوضع أخذت من كل واحد منهما نصف نفقتهما هكذا رتب ابن الصباغ والروياني في جمع الجوامع وهو المذهب. ومنهم من أطلق أنها لا تطالب واحداً منهما في مدة الحمل ولم يفرق هؤلاء بين قولنا النفقة للحمل أو للحامل فعلى هذا إذا وضعت فألحقه القائف بالواطىء قال الإمام والغزالي لا تطالب بالنفقة الماضية بناء على أن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان والذي ذكره البغوي وجماعة أنه يطالب بتلك النفقة وقالوا هذه النفقة تصير ديناً في الذمة وليست كنفقة الأقارب قال الإمام ولم يقل أحد من الأصحاب أنه إذا ألحقه القائف بالزوج لا يطالب بالنفقة الماضية تفريعاً على أنها للحمل وأنها تسقط بمضي الزمان قال والقياس يقتضي المصير إليه أما نفقة الولد بعد الوضع وحضانته فعلى ما ألحقه القائف به منهما فإن لم يكن قائف أو أشكل عليه فهي عليهما مناصفة إلى أن يوجد القائف أو يبلغ الصبي فينتسب إلى أحدهما وقيل لا يطالبان بالنفقة في مدة الإشكال وهو ضعيف. ثم إذا أنفقا عليه ثم لحق الولد بأحدهما بإلحاق القائف أو بانتسابه رجع الآخر عليه بما أنفق بشرطين أحدهما أن يكون الإنفاق بإذن الحاكم وإلا فهو متبرع. والثاني أن لا يكون مدعياً للولد فإن كان يدعيه فلا رجوع لأنه أنفق على ولده بزعمه. ولو مات الولد في زمن الإشكال فكفنه عليهما وللأم ثلث ماله ويوقف الباقي بين الزوج والواطىء حتى يصطلحا. فإن كان لها ولدان آخران أو كان لكل واحد من الزوج والواطىء ولدان فلها السدس. فإن كان لأحدهما ولدان دون الآخر فهل لها الثلث للشك في كونهما أخوين للميت أم السدس لأنه اليقين وجهان. قلت الأصح أو الصحيح أنه السدس. والله أعلم. ولو أوصى إنسان لهذا الحمل بشيء فانفصل حياً ثم مات فإن مات بعد قبول الزوج والواطىء الوصية فالوصية مستقرة لأن أحدهما أبوه والمال لورثته كما ذكرنا وإن مات قبل أن يقبلا فحق القبول للورثة. ولو سمى الموصي أحدهما فقال أوصيت لحمل فلان هذا فإن ألحقه القائف بغير المسمى بطلت الوصية وإن ألحقه به صحت وإن نفاه باللعان ففي بطلانها وجهان. فرع فأما إذا طلق حربي زوجته فوطئها في عدته حربي آخر بشبهة أو نكحها ووطئها ثم أسلمت مع الثاني أو دخلا بأمان وترافعا إلينا فحكي عن النص أنه لا يجمع عليها عدتان بل يكفيها واحدة من يوم وطئها الثاني وللأصحاب طرق. أحدها الإكتفاء بعده عملاً بهذا النص لأن حقوقهم ضعيفة وماؤهم غير محترم فيراعى أصل العدة ويجعل جميعهم كشخص. والثاني القطع بأنه لا بد من عدتين كالمسلمين ورد هذا النص والثالث على قولين. ونقل السرخسي والروياني أن بعضهم خرج من هذا النص فيما إذا كانت العدتان لمسلمين وجعل الصورتين على قولين نقلاً وتخريجاً وهذا غريب ضعيف جداً فإذا قلنا في الكافرين يكفي عدة فهل نقول هي للوطء الثاني فقط وتسقط بقية عدة الأول لضعف حقوق الحربي وبطلانها بالإستيلاء عليه أو على زوجته أم نقول تدخل بقية العدة الأولى في الثانية وجهان قلت أرجحهما الأول والله أعلم. قال المتولي ولو أسلمت المرأة ولم يسلم الثاني وجب أن تكمل العدة الأولى ثم تعتد عن الثاني قطعاً لأن العدة الثانية ليست هنا أقوى حتى تسقط بقية الأولى أو تدخل فيها قال ولو كان الأول طلقها رجعية وأسلمت مع الثاني ثم أسلم الأول فله الرجعة في بقية عدته إن قلنا بدخولها في العدة الثانية وإن قلنا بسقوطها فلا قال ولو أراد الثاني أن ينكحها فله ذلك إن قلنا بسقوط بقية العدة الأولى لأنها في عدته فقط وإن قلنا بدخولها في الثانية فلا حتى تنقضي تلك البقية قال ولو كانت حاملاً من الأول لم تكفها عدة واحدة بل تستأنف بعد الوضع عدة الثاني. وإن أحبلها الثاني فإن قلنا تسقط بقية الأولى فكذا هنا ويكفيها وضع الحمل وإن قلنا بالتداخل عادت بعد الوضع إلى بقية العدة الأولى لأن الحمل ليس من الأول فلا تنقضي به عدته ولو طلق حربي زوجته فوطئها في العدة حربي بنكاح وطلقها حربي فيها الخلاف وفيه صور الإمام المسألة.
بمضي الأقراء أو الأشهر. فلو لم يهجرها بل كان يطؤها فإن كان الطلاق بائناً لم يمنع ذلك انقضاء العدة لأنه وطء زنا لا حرمة له وإن كان رجعياً قال المتولي لا تشرع في العدة ما دام يطؤها لأن العدة لبراءة الرحم وهي مشغولة. وإن كان لا يطؤها ولكن يخالطها ويعاشرها معاشرة الأزواج فثلاثة أوجه. أحدها لا تحسب تلك المدة من العدة لأنها شبيهة بالزوجات دون المطلقات المهجورات. والثاني تحسب لأن هذه المخالطة لا توجب عدة فلا تمنعها حكاه الغزالي عن المحققين. والثالث وهو الأصح وبه أخذ الأئمة منهم القفال والقاضي حسين والبغوي في التهذيب و الفتاوى والروياني في الحلية إن كان الطلاق بائناً حسبت مدة المعاشرة من العدة. وإن كان رجعياً فلا لأن مخالطة البائن محرمة بلا شبهة فأشبهت الزنا بها. وفي الرجعية الشبهة قائمة وهو بالمخالطة مستفرش لها فلا يحسب زمن الإستفراش من العدة كما لو نكحت في العدة زوجاً جاهلاً بالحال لا يحسب زمن استفراشه ثم يتعلق بالمسألة فرعان أحدهما قال البغوي في الفتاوى الذي عندي أنه لا رجعة للزوج بعد انقضاء الأقراء وإن لم تنقض العدة عملاً بالإحتياط في الجانبين. وفي فتاوى القفال ما يوافق هذا وأما لحوق الطلقة الثانية والثالثة فيستمر إلى انقضاء العدة عملاً بالإحتياط أيضاً وقد صرح به الروياني في الحلية الثاني قال في البسيط يكفي في الحكم بالمعاشرة الخلوة ولا يكفي دخول دار هي فيها ولا يشترط تواصل الخلوة بل يكفي أن يخلو بها الليالي ويفارقها الأيام كما هو المعتاد بين الزوجين. فلو طالبت المفارقة ثم جرت خلوة ففي البناء على ما مضى احتمالان. أشبههما البناء وأجرى الخلاف المذكور في الأصل فيما لو طلق زوجته الأمة فعاشرها السيد هل تمنع من الإحتساب بالعدة قال البغوي في الفتاوى ولو طلق زوجته ثلاثاً ونكحها في العدة على ظن أن عدتها انقضت وحلت فينبغي أن يقال زمن استفراشها لا يحسب من العدة كالرجعية وأما إذا خالط المعتدة أجنبي عالماً فلا يؤثر كما لا يؤثر وطؤه وإن خالط بشبهة فيجوز أن يمنع من الإحتساب كما سبق أنها في زمن الوطء بالشبهة خارجة عن العدة. وجميع ما ذكرناه فيما إذا كانت حائلاً فأما المعتدة بالحمل فلا شك أن معاشرتها لا تمنع انقضاء العدة بالوضع. فرع سبق أنه إذا نكح معتدة على ظن الصحة ووطئها لم يحسب زمن استفراشه إياها عن عدة الطلاق. ومن أي وقت يحكم بانقضاء العدة فيه أربعة أوجه أصحها من وقت الوطء لأن النكاح الفاسد لا حرمة له والثاني من حين يخلو بها ويعاشرها وإن لم يطأ. والثالث من وقت العقد إن اتصل به زفاف وإلا فلا. والرابع من وقت العقد وإن لم يتصل به زفاف وبه قال القفال الشاشي لأنها بالعقد معرضة عن العدة. فرع من نكح معتدة من غيره جاهلاً ووطئها لم تحرم عليه على التأبيد هذا هو المذهب ونصه في الجديد. وعن القديم أنها تحرم أبداً ومنهم من أنكر القديم. وذكر الذين أثبتوه وجهين في أن التحريم المؤبد يشترط فيه تفريط الحاكم كاللعان أم لا كالإرضاع ونقل الروياني إجراء القديم في كل وطء يفسد النسب كوطء زوجة الغير أو أمته بالشبهة. انقضت العدة فإن طلقها بعده فلها حالان. أحدهما أن تكون حائلاً فإن وطئها بعد الرجعة لزمها استئناف العدة وإلا لزمها الإستئناف أيضاً على الجديد الأظهر. وفي القديم تبني على العدة السابقة. فعلى هذا لو راجعها في خلال الطهر فهل يحسب ما مضى من الطهر قرءاً وجهان. أحدهما نعم لأن بعض القرء كالقرء. فعلى هذا إذا كانت الرجعة في خلال الطهر الثالث ثم طلقها فلا شيء عليها على قول البناء لتمام الأقراء بما مضى وأصحهما لا بل عليها في هذه الصورة قرء ثالث وإنما يجعل بعض الطهر من آخره قرءاً لاتصاله بالحيض ودلالته على البراءة بخلاف بعض الأول. الحال الثاني أن تكون حاملاً فإن طلقها ثانية قبل الولادة انقضت عدتها بالولادة وطئها أم لا. إن ولدت ثم طلقها فإن وطئها قبل الولادة أو بعدها لزمها استئناف العدة بالأقراء وإن لم يطأ استأنفت أيضاً على المذهب وقيل وجهان أصحهما هذا والثاني لا عدة عليها وتنقضي عدتها بالوضع هذا كله إذا طلقها ثم راجعها ثم طلقها. فلو طلقها ولم يراجعها ثم طلقها أخرى فالمذهب أنها تبني على العدة الأولى لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء ولا رجعة فصار كما لو طلقها طلقتين معاً وقال ابن خيران والإصطخري والقفال في وجوب الإستئناف قولان كما في الحال الأول ولو راجعها ثم خالعها فإن جعلنا الخلع طلاقاً فهو كما لو طلقها بعد الرجعة وإن جعلناه فسخاً فطريقان. أحدهما أن وجوب الإستئناف على القولين. والثاني القطع بالإستئناف لأن الفسخ ليس من جنس الطلاق فلا تبنى عدة أحدهما على الآخر وهذا الطريق أظهر عند الروياني ويجري الطريقان في سائر الفسوخ مثل أن ينكح عبد أمة ثم يطلقها رجعياً ثم تعتق هي ويفسخ النكاح. فرع إذا طلق المدخول بها على عوض أو خالعها فله أن ينكحها في العدة ونقل في المهذب عن المزني أنه لا يجوز كما لا يجوز لغيره وهذا غريب. فإذا نكحها فعن ابن سريج أنه لا تنقطع عدتها ما لم يطأها كما لو تزوجها أجنبي في العدة جاهلاً والصحيح أنها تنقطع بنفس النكاح لأن نكاحه صحيح وزوجته المباحة لا يجوز أن تكون معتدة منه فعلى هذا لو طلقها بعد التجديد نظر إن كانت حاملاً انقضت عدتها بوضع الحمل وإن كانت حائلاً ولم يدخل بها بنت على العدة السابقة ولم يلزمه إلا نصف المهر لأن هذا النكاح جديد طلقها فيه قبل المسيس فلا يتعلق به العدة ولا كمال المهر بخلاف ما سبق في الرجعية فإنها تعود بالرجعة إلى ذلك النكاح وإن دخل بها لزمها استئناف العدة وتدخل في العدة المستأنفة بقية العدة السابقة ولو مات عنها بعد التجديد فالمذهب وبه قطع البغوي وغيره أنه يكفيها عدة الوفاة وتسقط بقية العدة السابقة كما لو مات عن رجعية. وذكر الغزالي في اندراج تلك البقية في عدة الوفاة وجهين لاختلاف الجنس.
إحداها نكح معتدة عن وفاة ووطئها جاهلاً فأتت بولد يمكن كونه من كل منهما ولا قائف انقضت بوضعه عدة أحدهما وعليها بعده أكثر الأمرين من بقية عدة الوفاة بالأشهر وثلاثة أقراء. الثانية وطىء الشريكان المشتركة لزمها استبراءان على الصحيح كما لا تتداخل العدتان وقيل يكفي استبراء. الثالثة أحبل إمرأة بشبهة ثم نكحها ومات قبل ولادتها فهل تنقضي عدتها بوضع الحمل أم بأكثر الأجلين من وضع الحمل ومدة عدة الوفاة وجهان ولو طلقها بعد الدخول ففي انقضاء العدتين بالوضع الوجهان وبالله التوفيق.
|